إنجاز علمي.. إنتاج بويضات اصطناعياً من خلايا أخرى يفتح آفاقاً لعلاج العقم

إنجاز علمي.. إنتاج بويضات اصطناعياً من خلايا أخرى يفتح آفاقاً لعلاج العقم
إنتاج بويضات اصطناعياً

حقق باحثون للمرة الأولى إنجازاً لافتاً في مجال الطب الإنجابي عبر إنتاج بويضات نسائية مخبرياً من خلايا جلدية، وفق ما جاء في دراسة نُشرت هذا الأسبوع في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز". 

ويمهّد هذا الاكتشاف الطريق نحو ثورة محتملة في علاج العقم، خصوصاً لدى النساء اللواتي لا يستطعن إنتاج بويضات بشكل طبيعي، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”، اليوم الخميس.

وأوضحت الباحثة باولا أماتو، المشاركة في إعداد الدراسة من جامعة أوريغون الأميركية للصحة والعلوم، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، أن التقنية الجديدة "ستتيح في المستقبل ليس فقط علاج حالات العقم، بل أيضاً تمكين الأزواج من الجنس نفسه من إنجاب طفل يحمل البصمة الجينية لكلا الشريكين". 

ومع أن هذا الاختراق العلمي لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه جذب اهتماماً واسعاً بين العلماء، وأثار نقاشات حول أبعاده الأخلاقية والاجتماعية.

آلية البحث

واعتمد الباحثون على تقنية "النقل النووي"، حيث أزالوا النواة من البويضات واستبدلوها بأخرى مأخوذة من خلايا الجلد، ثم أعادوا برمجتها لتحتوي على 23 كروموسوماً بدلاً من 46، بما يتيح لها الاندماج مع الحيوان المنوي. 

ومن بين هذه الخلايا المرشحة، نجح نحو عشر بويضات في التطور إلى أجنّة بعمر بضعة أيام، بلغت مرحلة يمكن فيها نظرياً زرعها عبر التلقيح الصناعي، لكن النتائج أظهرت أيضاً وجود تشوهات عدة، ما يعني أن الأبحاث لا تزال بعيدة عن التطبيق السريري المباشر.

ويُعد هذا الإنجاز امتداداً لتاريخ طويل من الأبحاث في مجال الاستنساخ والتكاثر الاصطناعي، بدأ مع ولادة النعجة الشهيرة دوللي عام 1996، التي مثلت أول حيوان يُستنسخ من خلية جسدية.

كما سبق أن نجح باحثون يابانيون مطلع عام 2025 في تهجين فئران من أبوين بيولوجيين عبر تقنيات مشابهة، مما فتح الباب أمام تصورات علمية حول إمكانية إنتاج بويضات أو حيوانات منوية من خلايا غير تناسلية.

آفاق واعدة

واعتبرت الباحثة البريطانية ينغ تشيون، المتخصصة في طب الإنجاب في جامعة ساوثهامبتون، أن هذه النتائج قد تمهد الطريق "لإنشاء خلايا مشابهة للبويضات والحيوانات المنوية لأولئك الذين لا يملكون خيارات أخرى". 

ويعمل علماء آخرون على مسارات موازية، منها إعادة برمجة الخلايا الجسدية إلى حالة بدائية يمكن من خلالها إنتاج أمشاج جديدة. هذه التطورات، إذا اكتملت، قد تغيّر جذرياً مسار علاجات الخصوبة والطب الإنجابي.

وأثار التقدم العلمي نقاشات واسعة لدى الجهات التنظيمية، إذ رأت الهيئة الفرنسية للطب الحيوي أن التكوين الاصطناعي للأمشاج "يمكن أن يُحدث تحولاً جذرياً في ديناميات تكوين الأسرة والأعراف الاجتماعية المرتبطة بالتكاثر". 

لكنها في الوقت نفسه حذّرت من مخاطر محتملة مثل "تحسين النسل" أو إنتاج عدد كبير من الأجنّة بطرق قد تخرج عن السيطرة، داعيةً إلى وضع إطار قانوني وأخلاقي دولي يضمن الاستخدام المنظم لهذه التقنية ويمنع سباقاً علمياً غير مضبوط.

أمل وقلق

ويُتوقع، بحسب الباحثين، أن يحتاج المرضى إلى نحو عقد كامل قبل الاستفادة من هذه التجارب بشكل ملموس، لكن أهميتها تكمن في فتح آفاق جديدة لعلاج العقم وتجاوز قيود نقص المتبرعين بالبويضات في دول عدة مثل فرنسا. 

وفي المقابل، يظل السؤال الأخلاقي قائماً: هل يقود هذا التقدم إلى إنقاذ ملايين الأسر من معاناة العقم، أم إلى نقاشات جديدة حول حدود التدخل البشري في الطبيعة؟



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية